تعكس لغة الجسد للفرنسي كيليان مبابي مهاجم ريال مدريد خلال هزيمة فريقه الأخيرة أمام ليفربول على ملعب “أنفيلد”؛ أكثر مما قد تعبر عنه أي تصريحات علنية، فأثناء الاستراحة، استند مبابي إلى جدار نفق الملابس بينما كان إبراهيم دياز، أحد حلفائه في غرفة الملابس، يعطي تعليمات لبقية الفريق، وفي ركلة الجزاء التي سددها، نظر إلى كل الاتجاهات قبل أن يخطئ في تسديدها أمام كاويمهين كيليهر، وبعد الخطأ وقف وحيداً وبدون حركة، قبل أن يخرج سريعاً من غرفة الملابس، برفقة كامافينغا وميندي.
ريال مدريد آلة سحق لبعض المواهب
حالة مبابي تعكس صعوبة بعض اللاعبين في التعامل مع الضغط الهائل في ريال مدريد، فليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها لاعب موهوب للضغط في النادي الملكي، إذ أن تاريخ النادي مليء باللاعبين الذين وصلوا بتوقعات عالية، لكنهم واجهوا صعوبة في التكيف وانتهى بهم الأمر بالانغماس في طوفان النجوم.
ريال مدريد لا يطلب مجرد نتائج، بل يتطلب تنافساً مستمراً، مما يؤدي في بعض الحالات إلى ضياع بعض اللاعبين في ظل هذا الجو المليء بالنجوم، وفي حالة مبابي، كان وصوله يبدو وكأنه تحقيق لحلم بعد سبع سنوات من الانتظار، لكن الطريق لم يكن خالياً من الصعوبات.
متلازمة المحتال
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة “سبورت” الإسبانية، فإن ما يعانيه مبابي يشبه بما يعرف بـ “متلازمة المحتال”، وهي حالة يصاب بها بعض اللاعبين الذين يأتون إلى ريال مدريد كقادة للمشروع، لكنهم يجدون صعوبة في فرض أنفسهم وسط النجوم.
ووفقاً لما ذكره ديفيد بيريس، رئيس الاتحاد الإسباني لعلم نفس الرياضة: “مبابي خرج من مكان كان فيه القائد الأول، مثل منتخب بلاده وباريس سان جيرمان، لكنه وصل إلى ناد يستقبله كأمل عظيم، ومع ذلك لا يلعب في مركزه الطبيعي”.
مقارنات مع إخفاقات حديثة
وضع مبابي يذكرنا بحالات أخرى للاعبين وصلوا إلى ريال مدريد بتوقعات كبيرة، لكنهم لم ينجحوا في الوفاء بها، الحالة الأبرز هي حالة إيدن هازارد، الذي بعد انتقاله مقابل أكثر من 120 مليون يورو، تعرض لسلسلة من الإصابات التي أثرت في مسيرته داخل النادي، مما منعه من التألق.
وكذلك كان الحال مع ريكاردو كاكا، الذي على الرغم من شهرته وكفائته العالية، لم يتمكن من التكيف مع الفريق بسبب الإصابات والعلاقة السيئة مع مدربه، كما أن هناك آخرون، مثل روبينيو، عانوا أيضاً من صعوبة التكيف، نتيجة للبيئة المحيطة بهم وأدائهم غير المنتظم.
وهناك عامل آخر مهم في تكيف هؤلاء اللاعبين مع ريال مدريد وهو الضغط الإعلامي، كما حدث مع ديفيد بيكهام، فعلى الرغم من بدايته الجيدة، فإن الاهتمام الإعلامي المستمر والانتقادات حول حياته خارج الملعب بدأ يؤثر فيه، فأحياناً الضغط الإعلامي الزائد يمكن أن يصبح عدواً صامتاً للاعبين، ويؤثر سلباً على أدائهم داخل الملعب.
حالات ناجحة… خاميس رودريغيز وغاريث بيل
لكن ليست كل القصص سلبية عن الانتقالات الكبرى، فهناك خاميس رودريغيز، على سبيل المثال، الذي وصل إلى النادي بعد تألقه في كأس العالم 2014، وتمكن من إبهار الجميع بـ 17 هدفا و18 تمريرة حاسمة في موسمه الأول، وبالمثل، كانت بداية غاريث بيل استثنائية، حيث كان له دور أساسي في تحقيق “العاشرة” وأظهر أداءً رائعاً في عامه الأول.
هذه هي الحالات التي يتطلع إليها أي لاعب جديد يسعى لتحقيق النجاح في ريال مدريد، ولكن الضغط والتوقعات قد تدفع البعض في اتجاهات أخرى.