أكد اللواء عباس إبراهيم أن “المشكلة في لبنان تكمن بين المتحاورين، وليس في الحوار كمبدأ، لأننا غالبًا ما نبيّت النوايا عندما نخوض في الحوار ولا نؤسس للحلول. ندّعي الحوار مع تبييت نوايا، فالمشكلة تكمن في المتحاورين”.
وأضاف خلال لقاء حواري نظّمته مجموعة حل النزاعات في مركز “لقاء” في الربوة: “أن حوار الأديان يحل محل الحوار السياسي عندما يصل الأخير إلى طريق مسدود. وأن السياسة في لبنان غالبًا ما تفشل في الحوار بسبب وجود نوايا سيئة”.
في بداية اللقاء، رحبت الدكتورة ضحى المصري بالحضور، تلتها مقدمة ألقاها العميد بهاء حلال. أدار الحوار الدكتور قاسم قصير، فيما اختُتم النقاش بحوار مطول مع الحضور من النخب الأكاديمية، والعلمية، والدينية، والإعلامية، بحضور نقيب المحررين جوزف القصيفي. وألقى مدير مركز “لقاء”، كمال بكاسيني، الكلمة الختامية.
وكشف اللواء إبراهيم، لأول مرة، خلال اللقاء، عن تفاصيل غير معروفة للرأي العام اللبناني بشأن المفاوضات الشاقة التي قادها، والتي أسفرت عن تحرير مخطوفي أعزاز في 19 تشرين الأول 2013.
وعند سؤاله عن العقبة التي تعرقل الحوار الداخلي بين اللبنانيين، أوضح اللواء إبراهيم: “أنا مقتنع بأن هناك غيابًا للإرادة الحقيقية لإجراء انتخاب لرئيس الجمهورية، وأن الحجة المطروحة لرفض الحوار تؤدي إلى هذه النتيجة. نحن شعب يتحين الفرص لتغيير موازين القوى”.
وردا على سؤال حول العلاقة اللبنانية السورية قال ابراهيم: “ما زلت أؤمن بالجغرافيا السياسية، وأؤمن بأن استقرار لبنان من دون سوريا غير ممكن. خلال الفترة التي توليت فيها تسهيل بعض الملفات بين البلدين، كان لهذا المردود الإيجابي على لبنان وعلى الأمن العالمي وتدرك الدول المعنية مدى هذا التأثير في حمايتها من تداعيات الارهاب على ارضها وشعبها. إن من قاطعوا سوريا يبحثون اليوم عن طرق للعودة إليها، أنا شخصيًا أقول: لن يتعافى لبنان إذا كانت سوريا مريضة، وهذا كلام استراتيجي”.
في ما يتعلق بلغز اختطاف مطراني حلب بولس يازجي ويوحنا إبراهيم في سوريا منذ 11 عاما كشف اللواء إبراهيم أنه “قام بزيارتين سريتين إلى موسكو من أجل هذه القضية ولكنه لم يحظ بالنتيجة المرجوّة”، مضيفا “حين كنت أفاوض في إحدى القضايا في سوريا، أرسل لي المطران إبراهيم بأنه يمكن أن يساعدني في هذا الموضوع، لأنه كما قال “يمون” على المسلحين في المنطقة حيث يتواجد المختطفون. وبعد أسبوع، اختطفه المسلحون، مضيفا “هؤلاء جماعة لا يمكن الوثوق بهم. وأنا ممن يعتقدون –وهذه ليست معلومة بل رأي- أن المطرانين قُتلا بعد اختطافهما بأيام قليلة. لأن التجربة تُشير إلى أن من يخطف لهدف معين يكشف عما يريده، لكن في هذه القضية لم يُصرّح أحد بما يريد”.
ولفت: “برأيي إن هذا الملف قد طوي لأنه لم يعد هناك أي أثر للمطرانين أو مطالب بشأنهما”.
عند سؤاله عن الصراع في فلسطين، قال إبراهيم: ” إن الصراع في فلسطين هو صراع بين الآلهة. هناك طائفة يهودية نشأت على وعي ديني بأن هذه الأرض ملكها، وأن فلسطين موطنها ولا تعترف ببقية الطوائف. في المقابل، هناك طائفة إسلامية تعتقد بأن هذه الأرض هي للفلسطينيين وتقبل الآخرين بغض النظر عن دياناتهم. لكل طرف معتقد ديني ورب يدير هذا الفكر العقائدي. وعندما يصبح الصراع صراعًا للآلهة، يصبح من الصعب على البشر حله”.
وأعرب اللواء إبراهيم عن مخاوفه من أن “استمرار العجز في الوصول إلى حلول سياسية مع إسرائيل، واستحالة القبول بحل الدولتين، قد يقود إلى حرب وجودية قد تقع خلال السنوات الخمس أو العشر القادمة. ومن سيبقى، سيبقى، لأن البعد العقائدي والديني يجعل من هذه الحرب أمرًا لا يمكن التراجع عنه”.
ولفت الى أن “قضية فلسطين كانت سياسية محض الى أن تحولت الى صراع بين الأديان”، مشيرا الى أن “المسيحيين تحديدا هم مع المسلمين عاطفيا وعقائديا، بالرغم من النظريات السياسية التي تشوّه الواقع إلا أنها الحقيقة. عمليا وعقائديا فإن المسيحيين هم في صف المسلمين في ما يخص القضية الفلسطينية”، مضيفا “في كتاب آلان بابيه وهو باحث اسرائيلي مطرود من اسرائيل، يتحدث عن التطهير العرقي في فلسطين وهو كان في أساس الكيان الاسرائيلي، وهو يدعو الى العودة الى فلسطين كما كانت قبل العام 1948، حيث كانت جميع الاديان تتعايش، وأنا ممن يدعون الى حل الدولة الواحدة، لأن غير ذلك هو هرطقة وعلى المسيحيين والمسلمين واليهود أن يعيشوا مع بعضهم البعض في وطن واحد كما نعيش في لبنان في وطن واحد”.