في إنجاز وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه “نجاح تاريخي حقا”، يتوّج جهودا بذلت لنحو قرن للقضاء على المرض، نالت مصر، الأحد، شهادة خلو من الملاريا.
وجاء في بيان للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس أن “الملاريا قديمة قدم الحضارة المصرية نفسها، لكن هذا المرض الذي ابتلي به الفراعنة بات الآن من ماضي مصر لا مستقبلها”.
وأضاف، بحسب “فرانس برس”، أن الإعلان على خلو مصر من الملاريا “نجاح تاريخي حقا، وشهادة على التزام شعب وحكومة مصر بالتخلص من هذه الآفة القديمة”.
وقال وزير الصحة المصري خالد عبد الغفار، نائب رئيس الوزراء، إن “حصول مصر على شهادة القضاء على الملاريا اليوم ليس نهاية الرحلة بل بداية مرحلة جديدة. يجب علينا الآن أن نعمل بلا كلل ويقظة للحفاظ على إنجازنا من خلال الحفاظ على أعلى معايير الترصد والتشخيص والعلاج، والإدارة المتكاملة للنواقل واستدامة استجابتنا الفعالة والسريعة للحالات الوافدة”.
وعلى الصعيد العالمي، تمكن ما مجموعه 44 بلدا وإقليم واحد من تحقيق هذا الإنجاز، وفق المنظمة.
وفي التاسع من تشرين الأول 2023، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن مصر أصبحت أول بلد يبلغ “المستوى الذهبي” على مسار القضاء على مرض آخر هو “التهاب الكبد سي” المعروف باسم “فيروس سي”، وفقا لمعايير المنظمة، بعد حملة رسمية بدأت في أوائل الألفية ووصلت ذروتها بإطلاق الحكومة المصرية حملة قومية للقضاء على المرض في 2014.
وتمنح “الصحة العالمية” شهادة القضاء على الملاريا لكل بلد يثبت، بما لا يدع مجالا للشك المعقول، أن سلسلة انتقال الملاريا محليا من طريق بعوض الأنوفيليس، قد توقفت في جميع أنحاء البلد لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات متتالية.
وعلى البلد أيضا أن يثبت قدرته على منع عودة انتقال العدوى.
وتقضي الملاريا على أكثر من 600 ألف شخص سنويا، 95 بالمئة منهم في أفريقيا، وفق المنظمة.
وتعود جذور الملاريا في مصر إلى 4000 سنة قبل الميلاد، استنادا إلى الأدلة الوراثية التي عُثر عليها، التي تثبت الإصابة بهذا المرض في مومياء توت عنخ آمون ومومياوات مصرية قديمة أخرى.
وقد بدأت جهود مبكرة للحد من الاختلاط بين البشر والبعوض في مصر في عشرينيات القرن الماضي عندما حظر البلد زراعة الأرز والمحاصيل الزراعية قرب المنازل.
وبحلول عام 1942، ارتفعت حالات الملاريا في مصر إلى أكثر من 3 ملايين حالة إصابة نتيجة لنزوح السكان في الحرب العالمية الثانية، وتعطل الإمدادات والخدمات الطبية، وغزو بعوض الأنوفيليس، وهو ناقل للبعوض عالي الكفاءة، من بين عوامل أخرى، ونجحت مصر في السيطرة على فاشية الملاريا من خلال إنشاء 16 قسما علاجيا وتوظيف أكثر من 4000 عامل صحي.
وبحلول عام 2001، أُحكمت السيطرة على الملاريا ووضعت وزارة الصحة والسكان نصب عينيها منع عودة انتقال الملاريا محليا.
وتمكنت مصر بسرعة من احتواء فاشية صغيرة لحالات ملاريا فى محافظة أسوان فى عام 2014 من خلال التحديد المبكر للحالات، والعلاج الفورى، ومكافحة النواقل، وتثقيف الجمهور.