يحذّر الأطباء بشدة من الإفراط في استهلاك المشروبات الغنية بالكافيين مثل الشاي والقهوة ومشروبات الطاقة، مشيرين إلى أن تجاوز الحدود المألوفة يمكن أن يدفع الجسم إلى مرحلة تُعرف بـ”التسمّم بالكافيين”، وهي حالة خطرة قد تهدد الصحة العامة. وعلى الرغم من أن أغلب الناس يعتقدون أن شرب بضعة أكواب يومياً أمر غير ضار، إلا أن تراكم الكافيين في الجسم قد يؤثر سلباً على القلب والدماغ ووظائف الجهاز الهضمي.
ويشرح الطبيب تيم ميرسر أن فنجان القهوة العادي المُعد في المنزل يحتوي في المتوسط على نحو 100 ملغ من الكافيين، ما يجعل تناول ثلاثة أو أربعة فناجين يومياً ضمن الحدود المقبولة. أما الشاي، فيتراوح محتواه من الكافيين بين 50 و80 ملغ إذا لم تُترك كيسته في الماء مدة طويلة، وهو ما يسمح باستهلاك كمية أكبر نسبياً مقارنة بالقهوة. إلا أن الخطورة الأكبر تكمن في مشروبات الطاقة، إذ يحتوي بعضها بين 80 و160 ملغ من الكافيين في العبوة الواحدة، ما يجعل تجاوز الحد الآمن أمراً سهلاً وغير ملحوظ.
وتظهر “سمّية الكافيين” عبر مجموعة من الأعراض المقلقة، بدءاً من خفقان القلب وتسارع نبضاته، مروراً بارتفاع مستويات القلق، وصولاً إلى ضعف القدرة على اتخاذ القرار والانفعال السريع. كما قد يعاني الشخص من زيادة الحاجة إلى دخول الحمام، إضافة إلى مشكلات في الجهاز الهضمي مثل الارتجاع الحمضي وحرقة المعدة.
ويشير ميرسر إلى أن للكافيين “جانباً مظلماً” لا ينتبه إليه كثيرون، فهو مادة قادرة على إحداث الإدمان بشكل تدريجي. ويقول إن الأمر غالباً ما يبدأ بفنجان صباحي يمنح إحساساً بالنشاط، ثم يتحول إلى اعتماد متزايد ربما يتطلب شرب كوب ثانٍ وثالث خلال اليوم. ومع تصاعد الاعتياد، قد يجد الشخص نفسه بحاجة إلى جرعة إضافية قبل مغادرة العمل أو أثناء القيادة للبقاء متيقظاً، ما يضعه في حلقة مفرغة يصعب كسرها.
ومع تناول الكافيين في أوقات متأخرة، يبقى تأثيره في الجسم عند محاولة النوم، وهو ما يسبب تأخر النوم أو تقطّعه. ويؤدي ذلك إلى الاستيقاظ مبكراً دون أن يكون الجسم قد تخلّص من الأدينوزين بالكامل، وهو المركّب المسؤول عن تعزيز الشعور بالنعاس. وبما أن الكافيين يحجب مستقبلات الأدينوزين، فإنه يمنع الدماغ من تلقي إشارة الاسترخاء سواء في الصباح أو المساء، مما يؤدي إلى خلل مستمر في دورة النوم.
وبالنسبة للراغبين في التخلص من هذا الاعتماد، ينصح ميرسر بالاستفادة من تأثير “الدواء الوهمي” عبر استخدام المشروبات منزوعة الكافيين، سواء كانت شايًا أو قهوة أو مشروبات غازية، إذ تمنح الإحساس ذاته دون التأثيرات الضارة، وتشكل خطوة فعّالة لكسر الإدمان تدريجياً.