انطلقت في هذه الأثناء الصلاة عن راحة نفس زياد الرحباني، الابن الذي كتب اسمه بجانب أمه فيروز، ليس فقط في ذاكرة الأغنية اللبنانية، بل في وجدان الناس، في جرحهم العميق وفي ضحكتهم الساخرة. في كنيسة رقاد السيدة – المحيدثة (بكفيا)، حيث تتقاطع الذاكرة مع الحزن، كان المشهد أكبر من الكلمات.
جلست السيدة فيروز في صمتٍ تام، شاحبة الوجه، صامتة القلب، تتقبّل التعازي برحيل ابنها. لا كلمات، لا دموع علنية، لا ضجيج، فقط سكون يشبه الصلاة، وسرّ لا يقال.
وفي هذه اللحظة، حين ارتفعت الصلاة لراحة نفسه، بدت فيروز كأنها تحمله مرة أخيرة، لا بصوتها هذه المرة، بل بصمتها. صمتٌ مهيب يعبّر عن خسارة لا يمكن تلخيصها. رحل زياد، لكن صوته، ملاحظاته، موسيقاه، سخريته، حزنه المبطّن، كلها باقية بيننا.