Search
Close this search box.
وقت القراءة: 3 دقائق

شهدت منطقة الشرق الأوسط منذ 7 تشرين الأول الماضي موجات من التصعيد العسكري، وقد شاركت إيران والجماعات التابعة لها، كل على طريقته في هذه الموجات من التصعيد.

وخلال الأشهر الماضية تحدثت العربية إلى مسؤولين في إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، كرروا أن هدفهم كان وما زال “الوصول إلى تحقيق استقرار وخفض التصعيد وردع الأطراف”.

وفيما رفض مسؤولون أميركيون خلال الأيام الماضية القول إن الولايات المتحدة تمكنت من ردع إيران والجماعات الموالية لها بوجه مطلق، لاسيما أن أحداث الشرق الأوسط تتحدّث عن واقع مختلف، لكن إدارة بايدن اعتبرت على لسان ناطقين باسمها تحدثوا إلى العربية أن واشنطن تحاشت التصعيد من خلال الدبلوماسية، خصوصاً الدبلوماسية المصحوبة بالحضور العسكري.
كما شدد الأميركيون على أن الوجود الأميركي في منطقة الشرق الأوسط أحبط مساعي إيران بإشعال المنطقة بعد مقتل أحد قادتها في دمشق، وبعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية في طهران، خصوصاً أن واشنطن تتعمّد إيصال رسائل مزدوجة، مضمونها أن الأميركيين لا يريدون تصعيداً وأن القوة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط موجودة للدفاع، لكنها قادرة على الهجوم أيضاً”.

فقد نجحت بالتالي الخطة الأميركية بنسب متفاوتة بتقدير الأميركيين، فإيران لم تفعل شيئاً بعد اغتيال هنية.

لكن النتائج مختلفة في اليمن، حيث أرادت الولايات المتحدة أن تصدّ هجمات الحوثيين أولاً، ثم صعّدت عملياتها وتعاونت بشكل خاص مع البريطانيين لشنّ هجمات على البنية التحتية لجماعة الحوثي في محاولة لتدمير قواعد الصواريخ، ومنعها من تهديد الملاحة الدولية في خليج عدن والبحر الأحمر.

وفي السياق، تحدّث مسؤول أميركي إلى العربية معطيا تقييماً للموقف، وقال “إن هجماتهم لم تتوقف”.

كما أشار إلى أن هذه الهجمات في غالبيتها فاشلة، وأن القوات الأميركية الموجودة في المنطقة تتمكّن من صدّ هجمات عديدة يومياً “لكن الحوثيين ينجحون مرة من أصل عشرين، فيبدو أنهم نجحوا في ما يفعلونه”.

هذا ويشدد الأميركيون لدى التحدّث عن الحوثيين على أنهم يهدّدون الملاحة الدولية “لكن الولايات المتحدة لديها الإرادة وتريد الاحتفاظ بحضور مستديم والقيام بعمليات الحماية وشنّ هجمات عند الضرورة” بحسب ما قال مسؤول أميركي.

كما أضاف “لديهم قدرات ولدينا قدرات أكبر، والأهم أن لدينا التصميم على حماية الملاحة الدولية”.

يريد الأميركيون القول دائماً إنهم تمكنوا من القضاء على القدرات الحوثية، وهم بالفعل تمكّنوا من “قضم” بعض هذه القدرات.

إذ اعتبر مسؤول أميركي في حديث للعربية أن النجاح الحقيقي هو في إحباط خطة الحوثيين الأساسية. وقال “إن الهدف الأساسي للحوثيين هو إقفال باب المندب الاستراتيجي لكنهم فشلوا في ذلك، ولم يحققوا طموحاتهم الكبيرة والمعلنة، كما لم يحققوا نجاحاً إلا في بعض الهجمات”، وذلك من أصل مئات من المحاولات، كما أشار إلى أنهم فشلوا في الهجوم على إسرائيل.

إلى ذلك، حقق الأميركيون نجاحا آخر ضد إيران والحوثيين وحزب الله في آن معاً.

فقد تمكّنوا من إفهام طهران أن ترسانتها من الصواريخ على كثرتها، لن تتمكّن من أن تكون مدّمرة وستتمكّن الولايات المتحدة من إحباط أي هجوم إيراني على الجنود الأميركيين أو المصالح الأميركية أو الدول الجارة أو إسرائيل.

وأكد الأميركيون أيضاً أنهم تسببوا بضرر للحوثيين حتى إن الجماعة اليمنية، فشلت منذ أشهر في شنّ هجوم واسع و”معقّد”.

فالحوثيون، في بداية السنة الحالية، كانوا يطلقون المسيرات والصواريخ والمراكب المتفجّرة وفي أحيان عديدة فعلوا كل ذلك مرة واسعة في عملية معقّدة.

أما الآن فيشعر الأميركيون بنوع من الرضا لأن الحوثيين لم يتمكنوا من شنّ أي من هذه الهجمات الخطيرة منذ أشهر، والسبب هو أنهم دمّروا الكثير من الرادارات وحاملات الصواريخ وهم ينشرون الآن قدرات استطلاع كبيرة فوق الأراضي اليمنية ويستطيعون كشف الاستعدادات الحوثية للهجوم وضرب منصات الإطلاق قبل يبدأ الهجوم.

أما هجوم حزب الله “الواسع” على إسرائيل فهو مثال آخر على التفوّق الأميركي. فالأميركيون لا ينكرون على الإطلاق امتلاك إسرائيل لبنية تحتية متطوّرة قادرة على تقييم المخاطر، وإحباط الهجمات المحدقة بأراضيها، لكن الدور الأميركي في شرق المتوسط كان واضحاً في إحباط خطط حزب الله.

وردد المتحدّثون باسم الإدارة الأميركية منذ أسبوع أنهم وفّروا معلومات للإسرائيليين عن استعدادات حزب الله، وقد وفّر ذلك للإسرائيليين صورة واضحة عن ما ينوي حزب الله القيام به، وعن مواقع الصواريخ التي ينوي إطلاقها، وهذا ما سهّل على إسرائيل القيام بـ”الهجوم الاستباقي”.

كذلك يعتبر الأميركيون أيضاً أنهم ساهموا في ردع حزب الله، وقد وصف مسؤول عسكري أميركي لـ العربية ما فعلته الولايات المتحدة حين شدّد على أن “القوات البحرية الأميركية احتشدت في منطقة شرق المتوسط، ثم اقتربت من الشواطئ، قبل أن يبدأ هجوم حزب الله”.

وقد ساهم هذا الحشد البحري الأميركي ووجود الكثير من الطائرات المقاتلة والمروحيات الأميركية ساهم بتقدير الأميركيين في جعل هجوم حزب الله محدوداً زمنياً ولم يستهدف بنى حيوية أو سكانية إسرائيلية.

إلى ذلك، تحدّث المسؤولون الأميركيون إلى العربية بثقة عالية عن نجاح خطتهم في الشرق الأوسط في مواجهة الترسانة الإيرانية وتهديدات إيران وأذرعها، وشدد متحدث عسكري على أن قدرة الولايات المتحدة على حشد هذا الحجم الضخم من القوات في المنطقة يثبت تفوّق الأميركيين بالتعاون مع الحلفاء على طهران وجماعاتها وكل الصواريخ التي يملكونها أو يهددون منذ سنوات باستعمالها.

وربما حقق الأميركيون هدفا مهما يتمثل في منع المنطقة من الدخول في حرب مفتوحة تبدأ ولا أحد يعرف كيف تنتهي، وأوضحوا لإيران والجماعات التابعة لها أنها ليست بمستوى قدرات أميركا والدول الصديقة في الشرق الأوسط.

المصدر: الشرق الأوسط

Share.

البث المباشر