شهدت عدة مدن أميركية، امس الجمعة، تظاهرات حاشدة شارك فيها طلاب وعلماء وباحثون احتجاجًا على اقتطاعات تجريها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تؤدي إلى إلغاء وظائف أساسية في وكالات فدرالية، فضلاً عن خفض الموارد المخصصة لبحوث حيوية في مجالات الصحة والمناخ.
منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي، تبنت إدارته سياسات تقشفية، تمثلت في تقليص الإنفاق الفدرالي، وتراجعت عن التزامات دولية، مثل الانسحاب من منظمة الصحة العالمية، وقرار الخروج من اتفاقية باريس للمناخ. كما أجرت تغييرات جذرية في الهيكل الحكومي، أدت إلى إبعاد مئات الموظفين الفدراليين العاملين في مجالات حيوية، مثل بحوث الصحة والمناخ.
وفي رد على هذه الخطوات، نزل آلاف من الباحثين، الأطباء، الطلاب، المهندسين، والمسؤولين المنتخبين إلى الشوارع في مدن كبرى مثل نيويورك، وواشنطن، وبوسطن، وشيكاغو، مطالبين بإلغاء السياسات التي تعتبرها هذه الفئات هجومًا غير مسبوق على العلم.
وصرح جيسي هيتنر، الباحث في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، والذي كان ضمن الحشد الذي قدر بحوالي ألف شخص في العاصمة الأميركية، لوكالة “فرانس برس” قائلاً: “لم يسبق لي أن كنت غاضبًا إلى هذه الدرجة”. وأضاف أن “إدارة ترامب تقوم بإحراق كل شيء”، منتقدًا تعيين روبرت كينيدي جونيور وزيرًا للصحة على الرغم من آرائه المشككة في اللقاحات.
ورفع المحتجون في واشنطن لافتات تندد بسياسات الحكومة، داعين إلى “تمويل العلم وليس الأغنياء”، مؤكدين أن “أميركا قامت على العلم”.
من جانبه، عبر الباحث الجامعي غروفر (الذي طلب عدم الكشف عن اسمه بالكامل لأسباب مهنية) عن قلقه الشديد، قائلاً: “ما يحصل الآن غير مسبوق”. وأضاف أن إدارة ترامب قد طلبت من الموظفين في القطاع العلمي عدم لفت الأنظار خشية التعرض لعقوبات مالية قد تشمل تعليق أو إلغاء المنح الفدرالية. وأوضح أنه عمل في هذا المجال لمدة 30 عامًا ولم يشهد من قبل مثل هذه السياسات.
وبينما يحذر العديد من الباحثين من أن هذه السياسات ستترك “تداعيات طويلة الأمد”، أبدى البعض الآخر مخاوفهم بشأن تأثير تلك السياسات على مستقبل المنح المالية وبرامج الدعم العلمي الأخرى. وقد دفع تعليق بعض المنح الجامعات إلى خفض أعداد الطلاب المقبولين في برامج الدكتوراه أو المناصب البحثية، مما جعل القلق يتصاعد بين الأفراد الذين ما زالوا في بداية مسيرتهم الأكاديمية.
وفي حديثها عن هذه الوضعية، قالت ريبيكا غليسون، طالبة الدكتوراه في علوم الأعصاب (28 عامًا): “كان من المفترض أن أكون في المنزل أدرس، عوضًا عن أن أكون هنا أدافع عن حقوقي”.
منذ تولي دونالد ترامب منصب الرئيس في عام 2017، تبنى العديد من السياسات التي أثارت جدلاً واسعًا، خاصة في مجالات العلم والصحة والبيئة. وقد واجهت الإدارة اتهامات بأنها تقوض من دور البحث العلمي في الولايات المتحدة وتعرقل تقدم المشروعات البحثية التي تعتمد على التمويل الفدرالي. هذه الإجراءات تسببت في توترات متزايدة بين العلماء والباحثين من جهة، والإدارة الأميركية من جهة أخرى.
كما أن هذا الإجراء يعكس توجهات إدارة ترامب تجاه تخفيض الإنفاق الفدرالي في محاولة لتحسين الاقتصاد، إلا أن هذه السياسات تسببت في تأثيرات سلبية على التقدم العلمي في الولايات المتحدة، مما دفع العلماء والطلاب إلى التظاهر للمطالبة بالعدول عن هذه القرارات.