لم يتمكن الإيرانيون داخل البلاد من متابعة مراسم تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شاشات التلفزيون المحلي، إذ غابت الإشارة تماماً إلى الحدث العالمي الأول في نشرات الأخبار الإيرانية.
غير أن الوضع كان مختلفاً على تطبيق “تلغرام”، الأكثر شعبية في إيران، حيث تداولت وكالات إيرانية، حتى تلك المعارضة بشدة لترامب، أجزاء من خطاب التنصيب.
وأبدت الوكالات الإيرانية المتشددة اهتماماً محدوداً بتنصيب ترامب، رغم عدائها الشديد له، خاصة أنه المسؤول عن الأمر بقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وفرضه عقوبات قاسية أثقلت الاقتصاد الإيراني. ومع ذلك، تدرك طهران أن إدارة ترامب في السنوات المقبلة ستترك أثراً عميقاً على البلاد.
في أول تعليق رسمي، أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن أمله في أن تنتهج إدارة ترامب سياسات “واقعية ومستندة إلى القانون الدولي”، لكنه وجّه انتقادات حادة لإدارة الرئيس السابق جو بايدن، قائلاً: “نأمل أن تكون التجربة القادمة مختلفة عن خيبات الأعوام الأربعة الماضية”.
ويأتي هذا التفاؤل الحذر رغم أن ترامب انسحب في 2018 من الاتفاق النووي، مما دفع إيران لتقليص التزاماتها النووية تدريجياً، وزيادة نسبة تخصيب اليورانيوم، ما أثار قرارات دولية ضدها.
وأشارت تقارير إلى نية ترامب إعادة تبني سياسة “الضغط الأقصى”، والتي استهدفت برامج إيران النووية والصاروخية، وقلّصت عائدات النفط الإيراني بشكل غير مسبوق. هذه السياسة أضعفت أوراق الضغط الإقليمية لطهران، خصوصاً مع تراجع نفوذ حزب الله، وسقوط نظام الأسد، وتراجع الفصائل العراقية، وتعرض الحوثيين لضربات مؤثرة.
على صعيد التصريحات الدولية، دعا السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام ترامب إلى اتخاذ خطوات عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، معتبراً أن تدميرها عسكرياً “احتمال وارد بنسبة 90%”.
عودة ترامب إلى البيت الأبيض تأتي في ظل واقع إقليمي ودولي مختلف عن فترته الأولى، وبينما يُجمع المحللون على أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران ستشهد تحديات كبيرة، يبقى السؤال مفتوحاً حول ما إذا كان ترامب سيتبنى النهج العسكري الذي دعت إليه بعض الأطراف، أو أنه سيعود إلى طاولة المفاوضات مع إيران.
ترامب، الذي يعود إلى البيت الأبيض في ظروف مختلفة تماماً عما كانت عليه في 2016، يحمل إرثاً من السياسة الحادة تجاه إيران. ومع ذلك، فإن موقف إدارته تجاه طهران يبقى مفتوحاً على جميع الاحتمالات، بين استمرار التصعيد أو محاولة بناء مسار دبلوماسي جديد.