على مدى الأسابيع الماضية، تعرض مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لسلسلة من الفضائح والتسريبات التي كشفت عن مجموعة من الممارسات المشبوهة داخل ديوان رئيس الوزراء، خاصة في الوقت الذي تتسارع فيه الحرب في غزة وتتصاعد التوترات في لبنان.
بحسب ما ذكره مجدي الحلبي، مستشار “العربية” للشؤون الإسرائيلية، يعد مكتب رئيس الحكومة من أهم المكاتب في إسرائيل، حيث تصدر منه قرارات هامة تتعلق بالحروب والمفاوضات، بالإضافة إلى العمليات العسكرية والاغتيالات. إلا أن هذا المكتب، الذي يفترض أن يكون مركزاً للقرارات الحاسمة، شهد تسريبات وفضائح توضح حجم الفوضى والارتباك داخل الدائرة الضيقة لنتنياهو.
وأولى الفضائح كانت تتعلق بجمع معلومات عن وزير الدفاع السابق، يوآف غالانت، حيث أظهرت التحقيقات أن بعض الموظفين في مكتب نتنياهو قاموا بجمع صور ومعلومات من كاميرات المراقبة في مقر رئيس الحكومة، وكذلك في أماكن سرية أخرى، الهدف كان استغلال هذه المعلومات ضد غالانت وتهديده. من بين الصور المسربة كانت صورة تُظهر مشادة بالأيدي بين غالانت وحرس نتنياهو الذين حاولوا منعه من حضور جلسة أمنية دعي إليها، ما أثار تساؤلات حول علاقة المكتب بمثل هذه الحوادث.
والفضيحة الثانية تتعلق بابتزاز أحد ضباط الاستخبارات الإسرائيلية. فقد كشف التحقيق أن تساحي برافرمان، مدير ديوان نتنياهو، كان يحتفظ بمواد حساسة عن ضابط برتبة مقدم، واستخدمها لابتزازه. المواد التي حصل عليها كانت تتعلق بتسجيلات لمحاثات بين رئيس الوزراء ومكتبه، وخاصة حول معلومات تتعلق بقرب هجوم حماس على إسرائيل، وتبين لاحقًا أن الهدف من هذا الابتزاز كان إخفاء معلومات عن معرفة نتنياهو بالخطر الوشيك، وهو ما كان سيُسائل المسؤولين في إسرائيل في حال تم الكشف عنه.
أما الفضيحة الثالثة فقد تمثلت في محاولة تعديل البروتوكولات والمحادثات الهاتفية من الجلسات الأمنية الهامة التي جرت خلال الأيام الأولى من الحرب، حيث قام موظفون في مكتب نتنياهو بشطب تصريحات شخصيات أمنية ووزراء، بالإضافة إلى تعديل البروتوكولات الأمنية بشكل يصب في مصلحة رئيس الحكومة، وكان السكرتير العسكري السابق لرئيس الوزراء هو من أبلغ عن هذه التعديلات، ما يثير الشكوك حول النزاهة داخل المكتب الحكومي.
والفضيحة الرابعة، تمثلت في تسريب مستندات سرية تتعلق بالوضع الأمني إلى وسائل الإعلام الأجنبية، حيث قام مستشار نتنياهو لشؤون الأمن، إيلي فيدلشتاين، بتسريب مستندات سرية تتعلق بكلام على لسان قائد حماس السابق يحيى السنوار. المستندات التي تم تسريبها إلى صحيفة “بيلد” الألمانية تم تقديمها بطريقة مجتزأة لخدمة السردية السياسية لنتنياهو، والتي كان هدفها الترويج لفكرة أن حماس كانت السبب في رفض صفقة إطلاق الأسرى التي اقترحتها الولايات المتحدة. التحقيقات أظهرت أن هذه المستندات تم تقديمها عمداً بشكل غير دقيق لتشويه الحقائق.
في ظل هذه الفضائح المتتالية، يتساءل البعض عن مصير نتنياهو، خاصة وأن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) هو من يتولى التحقيق في القضية، ومن المتوقع أن يتم استجواب كل الموظفين الذين كانوا على صلة بهذه الفضائح. بعض الخبراء القانونيين يرون أن نتنياهو قد يُستجوب هو أيضاً، خاصة أنه المسؤول المباشر عن مكتبه، وقد تكون هذه التحقيقات خطوة تمهيدية للتحقيق في دوره في فشل إسرائيل في توقع هجوم حماس في السابع من تشرين الأول.
ورغم محاولات نتنياهو نفي تورط مستشاريه في هذه التسريبات، فإن الأدلة الظاهرة، مثل الصور والفيديوهات التي تُظهر حضور مستشاره الإعلامي لجلسات سرية، تثير المزيد من الشكوك. مكتب نتنياهو لم يتوان عن إلقاء اللوم على الجهاز القضائي والصحافة الإسرائيلية، متهمًا إياهم بمحاولة النيل منه ومن حكومته.
والخبراء الإسرائيليون يرون أن جميع هذه الفضائح تشير إلى هدف واحد: محاولة التنصل من المسؤولية عن الهجوم المفاجئ لحركة حماس في تشرين الأول، وتبرئة نتنياهو من أي مسؤولية سياسية أو أمنية.
ومن خلال التلاعب بالحقائق، تعديل البروتوكولات، والتسريبات الموجهة، يسعى مكتب نتنياهو لضمان أن أي لجنة تحقيق في المستقبل لن تحمل المسؤولية لرئيس الحكومة.
المصدر: العربية