أعلنت الولايات المتحدة فشل ضغوطها على إسرائيل بشكل غير مباشر للموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار في غزّة، وحاولت علناً الضغط على حركة “حماس” للموافقة على الصيغة الجديدة للاتفاق، وهي الصيغة المعدّلة وفق الشروط الإسرائيلية “المستحيلة”.
اعتبرت “حماس” أن الولايات المتحدة رضخت للإرادة الإسرائيلية ومنحت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضوءاً أخضر للاستمرار في حربه ضد غزّة، وعرفت بين السطور أن نتنياهو لا يُريد وقفاً لإطلاق النار.
تضغط الولايات المتحدة على “حماس” للموافقة على صيغة الاتفاق الجديد، لكن نتنياهو سيبتدع عراقيل جديدة في حال نجحت المساعي الأميركية، وهي أساساً مشكوك بنجاحها لأن “حماس” على رفضها القاطع، فرئيس الوزراء الإسرائيلي لا يُريد هدنة إلّا بشكل موقّت، ليستكمل القتال بعد استبدال الأسرى.
مصادر فلسطينية متابعة تتحدّث عن “أجواء سلبية يبثّها نتنياهو لعرقلة احتمال التوصّل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، ولا نتائج إيجابية منتظرة من المحادثات التي من المفترض أن تجري في القاهرة، علماً أن بعض القادة في إسرائيل لم يعد يهمهم أمرها كون نتنياهو لا يُريد إنجاحها”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، تُشير المصادر إلى “تصريحات نتنياهو السلبية حيال مفاوضات الهدنة، والتي قال خلالها إن إسرائيل لن تنسحب من محور فيلادلفيا ومعبر نيتساريم تحت أي ظرف، وقوله إنه ليس متأكداً من حصول الاتفاق أمام أهالي الأسرى”، وتعتبرها “شبه نعي لمفاوضات الهدنة”.
على إثر هذه الأجواء السلبية الإسرائيلية، تُحاول الولايات المتحدة شراء الوقت عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الذي يجول في الشرق الأوسط، وكانت قطر آخر محطاته، مُحاولاً الضغط على “حماس”، وتهدف أميركا من خلال شراء الوقت الى تأجيل التصعيد الإقليمي والرد الإيراني.
فشل المساعي الديبلوماسية في تقريب وجهات النظر بين “حماس” وإسرائيل سيعني تطيير الاتفاق وبالتالي العودة إلى التصعيد الذي ألمحت إليه حركة “الجهاد الإسلامي” في رسالتها إلى “حزب الله”، والتي اعتبرت خلالها أن “الوقت قد حان للعمل من أجل زوال إسرائيل”.
رسالة “الجهاد” إلى “الحزب” تحمل بين سطورها إشارات خطيرة جداً، توحي بأن الحرب الدائرة بين إسرائيل و”حزب الله” ستكون محور الصراع في الفترة المقبلة، ما يعني أن التصعيد سيتفاقم، وهذه الإشارات تتقاطع مع تصريحات أخرى أطلقها وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت يتحدّث خلالها عن أجواء مشابهة.
غالانت أعلن جهاراً أن تركيز الجهود العسكرية الإسرائيلية بات ينتقل تدريجياً من قطاع غزة إلى الجبهة في مواجهة “حزب الله” في المنطقة الحدودية مع لبنان، لافتاً إلى أن قصف العمق اللبناني ليل الإثنين “تحضير لأي تطور محتمل”، ما يعني أن لبنان صار محور الحدث، بعدما كانت غزّة.
“حزب الله” لم يصدر أي تعليق بعد على المستجدات الراهنة، لكن تصعيده الحذر جداً في الجنوب يُشير إلى أنّه ليس في وارد التهدئة ووقف إطلاق النار اليوم، لكنه لا يسعى إلى إفشال مفاوضات الهدنة، وبالتالي فإنّه يرد على الاستهدافات الإسرائيلية لكن بشكل نوعي لكن مدروس.
إذاً، فإن المنطقة تقف على حافة الهاوية، والتعويل المحلي والإقليمي والدولي على نجاح المساعي الأميركية في إيجاد أرضية مشتركة للأفكار الإسرائيلية والفلسطينية، لكن الشكوك تحوم حول نوايا نتنياهو الحقيقية ورغبته في استمرار الحرب لا عقد الاتفاقات مع “حماس”.