في الوقت الذي يشتدّ فيه الحصار على مئات آلاف اللبنانيين والفلسطينيين قصفاً وتدميراً وتهجيراً ، يواظب الإعلام الأصفر على رسم خطوط تماس جديدة مع اللبنانيين والفلسطينيين والعرب ، وآخرهم الإمارات العربية المتحدة .
“طوفان” من الإتهامات وجرعات التخوين تنهال يميناً ويساراً من أجل إيصال رسالة واحدة : إما أن يلتحق العرب بمغامرات لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وإما ينضمّون الى قائمة الخونة ، هكذا بكل بساطة .
جريدة “الأخبار” الخبيرة المحلّفة بنكء الجراح العربية من المحيط الى الخليج تتقدّم الصفوف ، من دون أن تتورّع عن ابتكار الروايات المضلِّلة عن وفد أمني هنا أو سياسي هناك ، لتُمعن في بثّ الكراهيات العربية – العربية .
الصحيفة الصفراء التي تواصل الزعم تلوَ الآخر أن اسرائيل هي العدو ، لا تتردّد في اختراع “عدو” تلوَ الآخر من دنيا العرب ، كما لو أن رحى الحرب تدور مع العرب لا مع اسرائيل .
هكذا باختصار يملأ الإعلام الأصفر الفراغ القاتل الخالي من أي أفق سياسي للحرب المفتوحة ، سوى “الثقة” الممجوجة من المرشد الأعلى للحروب المتنقلة ب” النصر المنتظر”.
ربما تستفيد جريدة “الأخبار” ،ومن هم أمامها أم وراءها ، من شلالات الدم التي تحاصر اللبنانيين والفلسطينيين ، لتمرّر من ورائها المزيد من الأحقاد ضد العرب ، ومن بينهم الإمارات ، الذين سبقوا الجميع ، وفي مقدمهم إيران ، في احتضان البيئة الحاضنة للمقاومة ولملمة جراحها . لكن هذا النوع من الحملات والغبار الإستباقي لن يحجب الأسئلة الجوهرية التي تواجه الأعلام الصفراء ، وأولها : ما هو الأفق السياسي لهذه الحرب ، وكيف يمكن أن تنتهي ؟
العرب ، وفي مقدمهم الإمارات ، يمتلكون مشروعاً سياسياً للحل يضمن دولة فلسطينية هو “حلّ الدولتين”، وقد تمسكوا به مراراً وتكراراً . أما الجمهورية الإسلامية في إيران وأحزابها الصفراء فما هو مشروعها السياسي للحلّ ؟
هذا هو السؤال الجوهري اليوم الذي ينبغي الإجابة عنه بعد سقوط أوهام “الردع” و”توازن الرعب” التي تناثرت الواحدة تلوَ الأخرى في عمق الضاحية الجنوبية وغزة . أما الإنكباب على تخوين العرب فمردود أصلاً وفصلاً ، والنكبة التي حلّت بلبنان وفلسطين خير شاهدٍ على ذلك .. وقد دُمّر معها آخر عامود يمكن أن يُرفع فوقه علم الإنتصار .