أفادت صحيفة “فايننشال تايمز” أن الجيش الإسرائيلي يقوم بعمليات هدم واسعة النطاق في قرى جنوب لبنان بهدف إنشاء “حزام أمني” بعمق ثلاثة كيلومترات على طول الحدود مع لبنان، المعروف باسم “الحزام الأول”.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما لا يقل عن 30 بلدة وقرية على طول الحدود اللبنانية قد تعرضت لأضرار جسيمة خلال التوغل الإسرائيلي البري، مما أدى إلى تدمير العديد من المنازل والبنى التحتية ونزوح آلاف السكان. وبحسب التقرير، أسفرت عمليات الهدم عن تدمير 12% من المباني في الجانب اللبناني من الحدود خلال الأسابيع الأربعة الماضية، استناداً إلى تحليل صور الأقمار الصناعية.
كما شملت هذه العمليات تفجيرات متزامنة لمجموعات من المباني السكنية، خصوصاً في القرى ذات الأغلبية الشيعية، حيث يُعتقد أن حزب الله يتمركز ويملك بنى تحتية تحت الأرض، بما في ذلك شبكة من الأنفاق. وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، بأن الحملة تهدف إلى “تنظيف الحزام الأول من البنى الهجومية لحزب الله”، مضيفًا أن العمليات ستستمر “طالما كان ذلك ضروريًا” لتحقيق الأمان على الحدود.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل تعرض هذه العمليات كجزء من استراتيجية “الأرض المحروقة” الرامية إلى إضعاف الدعم الشعبي لحزب الله من خلال الضغط النفسي على المجتمعات المحلية. وأشار اللواء المتقاعد أكرم سروي إلى أن الهدف هو “خلق خطوط رؤية واضحة أمام توغلاتها العسكرية” وشل قدرات حزب الله.
وأسفرت الحملة عن تدمير معالم ثقافية ورمزية، من بينها منزل ومتحف عائلة بعلبكي في بلدة العديسة، الذي كان مركزًا ثقافيًا تاريخيًا. وقد عبر لبنانيون مثل قائد الأوركسترا لبنان بعلبكي، نجل الفنان، عن صدمتهم الشديدة بعد رؤية منازلهم تتحول إلى أنقاض.
كما نقلت “فايننشال تايمز” عن خبراء في القانون الدولي أن تدمير القرى بشكل كامل قد لا يتناسب مع مبدأ التناسب في القوانين الدولية، حيث أوضح الخبير ألونسو جورميندي دانكلبرغ أن “وجود بنية تحتية عسكرية في منطقة مدنية لا يبرر تدمير قرى بأكملها”، مشيرًا إلى ضرورة إثبات إسرائيل أن المكاسب العسكرية تفوق الأضرار الجسيمة التي تلحق بالسكان المدنيين.
في المقابل، لم يعلق الجيش الإسرائيلي على هذه الاتهامات، مكتفياً بالقول إن هدفه هو استهداف “أصول حزب الله” ضمن جهود لضمان الأمن على الحدود الشمالية.