ذكرت هيئة الإذاعة البريطاني “بي بي سي”، أن اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، يمثل تصعيداً خطيراً من شأنه دفع المنطقة، على الأرجح، خطوة إضافية نحو نزاع أشمل وأشد تدميرا.
وتتحدد مسارات الأحداث المقبلة في المنطقة بشكل أساسي على 3 عوامل رئيسية، تتمثل وفقا لـ”بي بي سي”، في تحركات أطراف الصراع حزب الله وإيران من جهة وإسرائيل، من جهة ثانية.
كيف سيرد حزب الله؟
تقول الهيئة إن حزب الله يترنح من ضربة تلو الأخرى، بعد أن تم قطع رأس هيكله القيادي، مع اغتيال عدد من كبار قادته، وتخريب اتصالاته إثر التفجيرات الصادمة لأجهزة النداء وااللاسلكي، فضلا عن تدمير العديد من أسلحته في غارات جوية.
ويقول محمد الباشا، محلل الأمن في الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة: “سيكون لفقدان حسن نصر الله تداعيات كبيرة، من المحتمل أن تزعزع استقرار الجماعة وتغير استراتيجياتها السياسية والعسكرية على المدى القصير.” لكن أي توقع بأن هذه المنظمة المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، ستستسلم فجأة وتطلب السلام، وفق شروط إسرائيل من المرجح أن يكون في غير محله.
وتعهد حزب الله بالفعل بمواصلة القتال. لا يزال لديه آلاف المقاتلين، العديد منهم يطالبون بالانتقام للضربات الإسرائيلية الأخيرة، وفقا للمصدر ذاته. ولا يزال لدى الحزب أيضا، ترسانة كبيرة من الصواريخ، العديد منها أسلحة طويلة المدى وموجهة بدقة يمكنها الوصول إلى تل أبيب ومدن أخرى. وسيكون هناك ضغط داخل صفوفه لاستخدامها قريباً، قبل أن يتم تدميرها هي أيضاً.
غير أن التصعيد بهذا الشكل عبر هجوم جماعي يتجاوز دفاعات إسرائيل الجوية ويؤدي إلى مقتل المدنيين، من المرجح أن تقابله إسرائيل برد مدمر، مما يلحق الدمار بالبنية التحتية اللبنانية، أو حتى يمتد إلى إيران.
ماذا ستفعل إيران؟
يمثل اغتيال نصر الله ضربة لإيران بقدر ما هو لحزب الله. لقد أعلنت الحداد لمدة خمسة أيام. كما اتخذت احتياطات طارئة، بإخفاء زعيمها علي خامنئي، خشية اغتياله هو أيضا، وفقا للهيئة البريطانية.
وطلبت طهران عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي الذي دعته إلى “اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي ومنع جر المنطقة إلى حرب شاملة”.
وبعدما تفادت إيران الانتقام لـ”الاغتيال المهين” لزعيم “حماس” إسماعيل هنية، في عاصمتها طهران، توضح الهيئة أن ما “حدث الآن سيجعل المتشددين في النظام يفكرون في نوع من الرد”.
ولدى إيران مجموعة كاملة من الميليشيات المسلحة الحليفة في كل أنحاء الشرق الأوسط، ما يسمى بـ”محور المقاومة”. بالإضافة إلى حزب الله، لديها الحوثيون في اليمن، والعديد من الجماعات في سوريا والعراق. يمكن لإيران أن تطلب من هذه الجماعات تصعيد هجماتها على كل من إسرائيل والقواعد الأميركية في المنطقة.
لكن أياً كان الرد الذي تختاره إيران، فمن المحتمل أن تعايره حتى لا يؤدي إلى إثارة حرب لا تملك أي أمل في الانتصار فيها، وفقا للمصدر ذاته.
ماذا ستفعل إسرائيل؟
تذكر الهيئة البريطانية، أنه من الواضح أن إسرائيل ليس لديها نية لوقف حملتها العسكرية من أجل هدنة من 21 يوما اقترحتها 12 دولة، بما في ذلك حليفتها الأقرب، الولايات المتحدة. ويعتقد جيشها أنهم قد أوقعوا حزب الله في موقف دفاعي الآن، لذا سيرغبون في مواصلة هجومهم حتى تتم إزالة تهديده.
وتوعّد رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي، بـ”الوصول” إلى كل من يهدّد إسرائيل، قائلا “لم نستنفد كل الوسائل التي في متناولنا. الرسالة بسيطة: كل من يهدّد مواطني إسرائيل، سنعرف كيف نصل إليه”.
وباستثناء استسلام حزب الله، وهو أمر غير محتمل، وفقا لـ”بي بي سي”، من الصعب رؤية كيف يمكن لإسرائيل تحقيق هدفها الحربي المتمثل في إزالة تهديد هجمات حزب الله دون إرسال قوات على الأرض.
ونشرت قوات الدفاع الإسرائيلية لقطات لمشاة جيشها يتدربون بالقرب من الحدود لهذا الغرض تحديدا. لكن حزب الله قضى أيضا الـ 18 عاما الماضية، منذ نهاية حرب تموز، في التدريب على خوض الحرب القادمة. وفي خطابه العلني الأخير قبل وفاته، قال نصر الله لأتباعه إن التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان سيكون “فرصة تاريخية”، على حد تعبيره.
وبالنسبة للقوات الإسرائيلية، تقول الهيئة إن “الدخول إلى لبنان سيكون سهلا نسبياً. لكن الخروج قد يستغرق – مثل غزة – أشهرا”.