في مقابل اصرار اميركي- أوروبي على التوصل الى هدنة بين حزب الله واسرائيل، يصرّ رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو على اقتراف المزيد من الاجرام واطلاق العنان لآلته العسكرية وغاراته المجنونة واستهدافاته اللامتناهية للبنان لا سيما جنوبه وبقاعه المُزنرين بالحديد والنار، ولا يكتفي بمئات الشهداء والاف الجرحى المنضمين الى عشرات الاف الشهداء في غزة ليروي غليله الوحشي بل يستعد لتوغل بري عبر استقدام تعزيزات كبيرة الى حدوده الشمالية.
واذا كان نتنياهو أشرس اعداء لبنان على الاطلاق عازم على القضاء على حزب الله وكما يؤكد وزير دفاعه ان لديه حسابات مفتوحة منذ سنوات مع العديد من الأطراف وكنا ننتظر الفرصة،فما مبرر عزم الحزب على استمرار منحه الذريعة والامعان في فتح المجال لتحويل لبنان حمام دم لا لشيء الا لربط جبهته بجبهة غزة او ما تبقى منها، على رغم ان مساندته المتواصلة منذ احد عشر شهرا لم تقدم اي عون او مجرد دعم للغزاويين، مقابل تدمير جنوب لبنان وبقاعه.فعلى ما يراهن الحزب وقد بات فريسة سهلة للإسرائيلي وفق ما اثبتت معطيات الميدان، وتخلت عنه دول المحور الا صورياً، فيما راعيته ايران تبحث عما يؤمن اتفاقها الننوي مع “اخوتها” الاميركيين؟
وعلى رغم جنون الميدان وغاراته التي حصدت حتى ساعات الظهر اليوم بحسب وزير الصحة فراس الابيض 25 شهيدا، لم تتلاش الجهود الدبلوماسية بل استمرت ولو بآمال ضعيفة وخشية من تكرار سيناريو مفاوضات غزة. موقع “أكسيوس” نقل عن مسؤول أميركي، قوله إن “بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأخير لم يرفض المبادرة التي تقودها الولايات المتحدة”، لوقف إطلاق النار في لبنان مؤقتًا مع استمرار توسيع العدوان الجوي الإسرائيلي على الجنوب والبقاع. وكشف المسؤول أن “مقترح وقف إطلاق النار في لبنان لا يزال مطروحا وإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تواصل العمل عليه”، مضيفًا “الولايات المتحدة ستواصل الضغط على إسرائيل لتجنب غزو بري للبنان”.
الا ان صحيفة “واشنطن بوست”، أفادت أن “قوافل عسكرية إسرائيلية تتجمع في الشمال، في إشارة إلى استعدادات لتوغل بري محتمل في لبنان”.ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية، أن “التحركات تتضمن تعزيزات كبيرة تشمل المعدات والجنود”.
بلينكن والتصعيد: ووقت نُقِل عن مسؤولين أميركيين ان”إسرائيل ترى أن الهدنة ستكون في صالح حزب الله وتسمح له بإعادة تنظيم صفوفه،أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر بأنّ المزيد من التصعيد للصراع في لبنان سيزيد فقط من صعوبة عودة السكان إلى ديارهم على جانبَي الحدود، وفق ما ذكرت وزارة الخارجية في بيان لاجتماعهما.
بيان جديد: واليوم وعلى وقع استمرار التصعيد الميداني واستهداف قرى الجنوب والبقاع بوتيرة مكثفة، طالب بيان دولي جديد بوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية فورًا لأنه “لا يمكن التفاوض تحت النار”.وشدد بيان مشترك عن دولة قطر وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والسعودية والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الاميركية على أن الوضع بين لبنان وإسرائيل منذ 8 تشرين الأول 2023 لا يُحتمل.واعتبر البيان أن “ما يحصل يشكّل خطراً غير مقبول لتصعيد إقليمي أوسع، وهذا ليس في مصلحة أحد، لا شعب إسرائيل ولا شعب لبنان”.وأكد أن “حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية تمكّن المدنيين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم بأمان”، معتبرا أن “الدبلوماسية لا يمكن أن تنجح في خضّم تصعيد هذا الصراع”.
اجتماعات ميقاتي: وفي نيويورك، واصل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لقاءاته الديبلوماسية المكثفة في اطار العمل على وقف العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان.وفي هذا الاطار، عقد اجتماعا مع الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش وتم البحث في أهمية تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 ومساهمة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان “اليونيفيل” في الحفاظ على الاستقرار.وطلب رئيس الحكومة دعما طارئا من منظمات الامم المتحدة الانسانية لدعم لبنان في هذه المرحلة. كما اجتمع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وجرى البحث في الوضع في لبنان وأهمية الوقف الفوري لإطلاق النار والتوصل الى حل للنزاع القائم. وقد شكر رئيس الحكومة لبريطانيا جهودها لوقف العدوان الاسرائيلي. واجتمع رئيس الحكومة مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين التي اشارت الى” انها بحثت مع الرئيس ميقاتي الوضع الخطير في جنوب لبنان وتأثيره على المدنيين”. وقالت: نحن بحاجة إلى وقف فوري لاطلاق النار للسماح بحل ديبلوماسي يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة”. اضافت: “سنواصل دعم الشعب اللبناني المتضرر من الصراع”. كما اجتمع رئيس الحكومة مع وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، الذي افيد انه سيزور بيروت الاحد، وتم البحث في المساعي الفرنسية المستمرة لوقف اطلاق النار، مشيرا الى” ان لا يزال بإمكاننا تجنب الحرب، ومن غير المقبول وقوع إصابات في صفوف المدنيين”. وكشف انه سيزور لبنان لمواصلة البحث”. والتقى ايضا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين الاردني أيمن الصفدي. وشكر رئيس الحكومة للمملكة الاردنية الهاشمية وقوفها الى جانب لبنان ودعمها المستمر له على الصعد كافة. واستقبل رئيس الحكومة وفدا من مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان”أميركان تاسك فورس فور ليبانون” برئاسة السفير إد غبريال.
كلمة لبنان: من جهته، اعتبر وزير الخارجية عبدالله بوحبيب أنّ “الوضع في لبنان ينذر بالأسوأ في الشرق الأوسط بسبب العدوان الإسرائيلي عليه، متسائلاً: “ألم تشبع إسرائيل من الحروب؟”.وأكد ، في كلمة لبنان في الأمم المتحدة، أنّ “لبنان يعيش أزمة تُهدّد وجوده… وما نعيشه هو نتيجة للاحتلال، وإسرائيل كانت تتهرّب وتتجاهل ترسيم الحدود”، لافتاً إلى أنّ “الاحتلال الإسرائيلي يحرق الأراضي الزراعية بالفوسفور الأبيض لعدم التمكن من زراعتها لسنوات”، محذّراً من “جرّ الشرق الأوسط إلى الانفجار الكبير”.وتابع:”عودة الإسرائيليين إلى المستوطنات لن تتحقّق بالقتال بل بوقف النار”، مضيفاً “على إسرائيل وقف التصعيد لمنع الانفجار الكبير”. كما أكد أنّ “مقتل أيّ مدني مأساة لا يمكن القبول بها ولا يمكن تبريرها”.
جعجع والجلسة: سأل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع: “هل يستطيع أحد أن يشرح لي ما الذي يمنع الرئيس نبيه بري حتى الآن من دعوة المجلس النيابي للالتئام بشكل طارئ لمناقشة المأساة التي يعيشها الشعب اللبناني في الوقت الحاضر، خصوصا إذا تذكرنا ان عشرة نواب كانوا قد تقدموا بتاريخ 22 /7 /2024 بطلب خطي لتعيين موعد جلسة لمناقشة الحكومة في خصوص التدابير الواجب اتخاذها لتجنيب الجنوب ولبنان الحرب؟أضاف في بيان: “هل يستطيع أحد ان يشرح لي لماذا لا يدعو الرئيس بري فورا لجلسة فعلية لا صورية، كما كان يحصل في السابق، لانتخاب رئيس للجمهورية، انطلاقا من المأساة التي يعيشها الشعب اللبناني في الوقت الحاضر؟ ألا يخدم تعطيل المؤسسات الدستورية في لبنان وفي طليعتها رئاسة الجمهورية أعداء لبنان وخصوصا إسرائيل؟ هل يجوز استمرار معاناة اللبنانيين الذين لا تكفيهم الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة حتى جاءت الحرب التي حذرنا منها مرارا وتكرارا لتهجِّرهم في قلب وطنهم ويعيشوا مأساة ما بعدها مأساة؟”وختم: “لم يعد مسموحا ان تبقى الدولة الفعلية مغيبة وان نبقى في الواقع المرير الذي نعيشه في السنوات الثلاثين الأخيرة من تاريخنا رأفة بالناس المعذبة والمقهورة”.
الاشتراكي في معراب: وفي معراب، حطّ النائبان مروان حماده وراجي السعد حيث استقبلهما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع .وقال حماده بعد اللقاء: “ننادي بهدنة وندعو لانتخاب رئيس للجمهورية ويجب الحفاظ على دور المؤسسات نظراً للظروف التي نمر بها”.
تجدد..كفى رهانات: من جهتها، ،عقدت كتلة “تجدد” مؤتمرا صحافيا قبل ظهر اليوم ناقشت في خلاله التطورات في ظل الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة، في مقرها في سن الفيل . وتلا النائب ميشال معوض بيان اعتبر فيه ان “هناك حلا واحدا لوقف شلال الدم ومنع انحلال لبنان الوطن والدولة والقضية: وقف الحرب فورا قبل فوات الاوان. واكد ان المطلوب الآن لوقف المأساة: اولا: وقف الحرب فورا والاستفادة من الضغط الدولي على اسرائيل. وقف اطلاق النار قبل ان نصبح لوحدنا بالكامل وهذا يتطلب عمليا وضع حد لربط لبنان بحماس. خدمة للمشروع الايراني وفصل لبنان عن اي محور اقليمي. ثانيا: التطبيق الشامل للقرار ١٧٠١ بكل مندرجاته وهذا يعني: وقف الاعمال الحربية على جانبي الحدود، اعلان حالة الطوارئ في كل لبنان ونشر الجيش في الجنوب بمساندة قوات اليونيفيل وعلى كامل الاراضي اللبنانية، تسليم الجيش وضبط كل الحدود والمعابر وتطبيق القرار ١٦٨٠، حصر السلاح والقرار الاستراتيجي بالدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية تطبيقا للطائف وللقرار ١٥٥٩. ثالثا: هذا يتطلب ايضا اعادة تكوين السلطة لمواكبة المسار الانقاذي بدءا من انتخاب رئيسا للجمهورية، من هنا نطالب الرئيس نبيه بري بفتح المجلس فورا امام انتخاب الرئيس بجلسة مفتوحة بدورات متتالية والكف عن تعطيل النصاب. ومن ثم تشكيل حكومة اولويتها استعادة السيادة والاستقرار والشروع بالاصلاح واطلاق عجلة الاقتصاد”. وختم: “الى حزب الله نقول: كفى، كفانا رهانات وكفانا مغامرات، كفانا شعارات مدمرة، وانكارا للحقائق، كفانا تخوين واستكبار وانقسام وكراهية (لبنان وحدو بيحمينا كلنا والدولة وحدها بتحمينا كلنا). جرنا الى الانتحار الجماعي ليس بطولة بل البطولة والشجاعة الاعتراف بالخطأ وتصحيحه. كل قطرة دم لبنانية اغلى من كل هذه الرهانات. لبنان ينتظرنا حان الوقت ان نتلاقى كلنا تحت سقف دولته ودستوره وأرزته قبل فوات الأوان”.
3 مليون دولار مساعدات: الى ذلك، أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار أن “بعض مراكز الوزارة تعرّضت لإصابات مباشرة ونعمل على تلبية حاجات النازحين في كلّ المناطق”. وأضاف: “تحويل مليون دولار للنازحين من الأقضية الـ7 في الجنوب بهبة صينية وهي مساهمة لحوالى 10 آلاف عائلة”. وتابع حجار: “3 ملايين دولار ستوزّع نقداً على العائلات الأكثر فقراً وضمن قدراتنا نعمل مع خلية الأزمة والمنظمات الدولية للاستجابة لمساعدات النازحين”. ( المركزية )