تضم مجموعة هواتف “آيفون 16” الجديدة من شركة ««أبل» ألواناً جديدة، وزر كاميرا جديداً، ونظام ذكاء اصطناعي جديداً، وهو الذي ربما يمثل الإضافة الأهم.
نظام ذكاء شخصي متفاعل
وتستعدّ الشركة العملاقة في مجال التكنولوجيا لطرح خصائص من ««أبل إنتليجنس»، وهو نظام ذكاء شخصي يستطيع التفاعل في تطبيقات مختلفة، من خلال برنامج «بيتا»، خلال الشهر المقبل.
تقول الشركة، إن هذه التكنولوجيا قادرة على مساعدة المستخدمين على إنشاء رسائل بريد إلكتروني ذات طابع ودود، وكذا إنشاء رموز تعبيرية (إيموجي)، وتتضمن كذلك المُساعِد الشخصي الذكي ««سيري» الذي يجمع المعلومات معاً للإجابة عن أسئلة مثل الموعد المنتظر لوصول رحلة أحد أفراد الأسرة.
وتتساءل بايلي شولز في «يو إس توداي» ، عمّا تعنيه تلك الخصائص الجديدة بالنسبة إلى خصوصية المستخدم. إذ أعلنت ««أبل» أخيراً خططها للحفاظ على سلامة وأمن البيانات عند تدشين نظام الذكاء الاصطناعي. وصرّح خبراء ونشطاء في مجال خصوصية التكنولوجيا بأن تلك الأفكار تبدو مبتكرة، لكنهم ينتظرون معرفة كيف سيتم تطبيقها تحديداً. وقالت ميراندا بوغين، مديرة مركز الديمقراطية، ومختبر إدارة الذكاء الاصطناعي للتكنولوجيا: «في الوقت الذي يوجد فيه قدر كبير من الابتكار، وتفكير في الخصوصية مع ظهور النظام الجديد، لا تزال هناك أسئلة دون إجابة واضحة بشأن مدى فاعلية تلك التدخلات في نهاية المطاف، خصوصاً إذا كنا نرى مزيداً من الأمثلة من شركات أخرى تحاول فعل أمور مماثلة».
عمل الذكاء الاصطناعي
كيف يعمل الذكاء الاصطناعي من ««أبل»؟ سوف يكون نظام الذكاء الاصطناعي ««أبل إنتليجنس» متاحاً فقط على أجهزة لديها رقائق إلكترونية متوافقة، من بينها مجموعة «آيفون 16»، و«آيفون 15 برو» و«برو ماكس»، وأجهزة «آيباد»، وأجهزة «ماك» التي بها رقائق «إم 1» ورقائق أحدث.
يبدأ الجزء الأول من عملية الطرح خلال الشهر المقبل عندما تدشن شركة ««أبل» نظم التشغيل «آي أو إس 18.1»، و«آي باد أو إس 18.1»، و«ماك أو إس سيكويا 15.1».
وسوف تشمل الخصائص الجديدة:
• نسخة «أكثر طبيعية ومرونة» من المُساعِد الذكي ««سيري» تتمتع بـ«قدرات أكبر على فهم اللغة» لمعاونة مُساعِد الذكاء الاصطناعي في المتابعة عندما يتعثر المستخدمون في إدخال الكلمات، والحفاظ أيضاً على السياق بين طلبات متعددة.
• أدوات كتابة جديدة تساعد المستخدمين على إعادة كتابة نص وتنقيحه وتلخيصه في رسالة، وملاحظات ومدونات وصفحات وتطبيقات الطرف الثالث.
• تحديثات للصور، بما في ذلك خاصية «الذكريات» التي تتيح للمستخدمين صناعة أفلام «فقط من خلال كتابة وصف»، ووظائف بحث مطوّرة، وأداة «تنظيف» تستطيع العثور على الأشياء الموجودة في خلفية الصور وحذفها.
• تحديثات لتطبيقات الملاحظات والهاتف، التي تسمح للمستخدمين بتسجيل مقطع صوتي، وتحويله إلى نص، وتلخيصه. يقوم تطبيق الهاتف بإبلاغ المشتركين عند بدء عملية التسجيل، ويلخص نظام الذكاء الاصطناعي النقاط الرئيسية في المحادثة بعد المكالمة الهاتفية.
الهاتف الأكثر نجاحاً
متى سيتم طرح هاتف «آيفون 16» في الأسواق؟ ذكرت شركة ««أبل» أنه ستتم إضافة مزيد من الخصائص خلال الأشهر المقبلة، بما في ذلك خاصية دخول برنامج الدردشة الآلي «تشات جي بي تي»، الذي ابتكرته المؤسسة البحثية في مجال الذكاء الاصطناعي «أوبن إيه آي»، من «تجارب متعددة» داخل نظام التشغيل.
وقال دان أيفيس، محلل في شركة ««ويد بوش سكيوريتيز» إن ««أبل» قد تبيع أكثر من 240 مليون جهاز من نوع «آيفون» خلال العام المالي 2025 بفضل خصائص الذكاء الاصطناعي الجديدة. وذكر أيفيس في تدوينة له: «نعتقد بأن (آيفون 16) سوف يكون الجهاز الأكثر نجاحاً من فئة (آيفون) في تاريخه، حيث سيكون نظام الذكاء الاصطناعي (أبل إنتليجنس) هو منصة الانطلاق لثورة نظام الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي على مستوى العالم».
وعود بشأن الخصوصية
تقول شركة ««أبل» إن نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بها «مصمم لحماية خصوصية المستخدمين في كل خطوة».
وهناك طريقتان سوف تقوم منصة ««أبل إنتليجنس» من خلالهما بالتعامل مع الأوامر. الأولى هي المعالجة داخل نطاق الجهاز، وهي الطريقة المفضلة بوجه عام من أجل تحقيق خصوصية المستخدم. وقال جون فيردي، نائب رئيس السياسات في مركز «منتدى مستقبل الخصوصية» البحثي، الذي يركز على خصوصية البيانات: «يمكن استخدام المعالجة داخل نطاق الجهاز لضمان بقاء المعلومات الشخصية والحسّاسة داخل نطاق سيطرة الفرد».
أما فيما يتعلق بالطلبات الأكثر تعقيداً، التي لا يمكن التعامل معها داخل نطاق الجهاز، فسوف تدشن شركة ««أبل» نظام السحابة الخاصة «برايفت كلاود كومبيوت».
ويتم تصميم نظام الذكاء الاصطناعي السحابي من أجل المعالجة الخاصة للذكاء الاصطناعي. وتقول شركة ««أبل» إن بيانات المستخدمين لا يتم تخزينها أبداً، أو مشاركتها مع الشركة عند إرسالها إلى السحابة.
يضمن نظام السحابة الخاصة أن تكون البيانات الشخصية للمستخدم «غير متاحة لأي شخص سوى المستخدم نفسه، ولا حتى لشركة (أبل)»، بحسب تصريح الشركة في تدوينة خلال شهر يونيو (حزيران). وذكرت الشركة: «نعتقد بأن نظام السحابة الخاصة هو التكوين الأمني الأكثر تطوراً الذي يتم استخدامه من بين أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاص بالسحابة الخاصة ضمن هذا النطاق».
كذلك أوضحت شركة ««أبل» أنها تخطط لإتاحة صور برامج لكل نموذج إنتاج من نظام السحابة الخاصة، بحيث يتمكّن الباحثون في مجال الأمن من التأكد والتحقق من فاعليته، وتحديد ورصد أي مشكلات.
تحذيرات الخبراء
الشفافية «أمر جيد»، لكن لا ينبغي أن يتوقع المستخدمون نتائج فورية من هذا النوع من الاستخلاص والتنقيب، بحسب ما أوضح ثورين كلوسويسكي، ناشط في مجال الأمن والخصوصية في مؤسسة «إلكترونيك فرونتير فاونديشن»، وهي مؤسسة غير هادفة للربح معنية بالحقوق الرقمية. وأضاف قائلاً: «سوف يحتاج الأمر إلى بعض الوقت قبل أن نفهم جيداً ما يفعلونه، وكيف يفعلونه، وما إذا كان ناجحاً أم لا». وحذّر المستخدمين، مؤكداً على ضرورة تفادي تقديم وعرض «قدر كبير» من المعلومات الشخصية والخاصة. كذلك قال: «أعتقد بأن الأمر يبدو جيداً على المستوى النظري».
على الجانب الآخر، قال آلان باتلر، المدير التنفيذي ورئيس «مركز معلومات الخصوصية الإلكترونية»، وهو مركز بحثي غير هادف للربح يركز على حماية الخصوصية: «هناك كثير من الأسئلة والتفاصيل الفنية بشأن كيفية عمل نظام السحابة الخاصة، وما إذا كان فعالاً، لكن مما لا شك فيه أن هذا إقرار بأن السرية والخصوصية موضع قلق بالغ».
فيما يتعلق بمستخدمي ««أبل»، الذين يعتزمون الدخول على برنامج الدردشة الآلي «تشات جي بي تي» عبر ««سيري» أو أدوات الكتابة، تقول شركة ««أبل» إن عناوين بروتوكولات الإنترنت سوف تكون محجوبة، وسوف تكون البيانات كلها التي تتم مشاركتها مرئية وواضحة، ولن تخزن مؤسسة «أوبن إيه آي» طلبات، أو تستخدم تلك البيانات من أجل التدريب. سوف يرى المستخدمون، الذين يختارون الاتصال بحسابهم على «تشات جي بي تي»، تطبيق سياسات استخدام البيانات الخاصة بالبرنامج، لكن يمكن لمستخدمي ««أبل» الدخول على برنامج «تشات جي بي تي» دون إنشاء حساب. ولم تذكر شركة ««أبل» بعد موعد تدشين هذه الخاصية.
قال ريان كالو، أستاذ ومدير مساعد لمختبر سياسات التكنولوجيا بجامعة واشنطن: «في أي وقت تدخل فيه (أبل) في شراكة مع شركة سيارات، أو أي شركة تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، أو أي جهة أخرى، فإنها تأخذك خارج عالم (أبل) المنعزل. لكن هذا، في النهاية، لا يثير قلقي، إلا إذا شعرنا بأن (أبل) تستخدم البيانات بطريقة سيئة». (الشرق الاوسط)