أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، أنه “منذ خمسين عاما تجرّأنا، وسقط منّا الشّهداء قوافل قوافل ليبقى لبنان، وبقي لبنان وما تخلّينا عن ذرّة من قناعاتنا، كما تجرّأنا حيث لم يجرؤ الآخرون ليبقى لبنان وتبقى لنا الحرّيّة والسيادة ونجرؤ اليوم وسنجرؤ دائمًا وأبدًا، لنبقى ونستمرّ في وطن عزيز، ودولة ناجزة السّيادة”.
وتابع، في كلمته خلال قداس شهداء المقاومة اللبنانية، مساء اليوم الأحد، “لقد واجهنا ما لم يواجهه أحد، بدءًا باستشهادكم وانتهاءً باستشهاد الياس الحصروني وباسكال سليمان وسليمان سركيس ورولان المر، وما بين ذلك من نضال، وتعب، وكدّ، وجدّ، واضطهاد، وسجن، وملاحقات، ومضايقات، ومحاولات عزل وحصار لم تنته حتّى السّاعة. لكنّنا واجهنا دائمًا ببسالة وثبات. لم نحد لحظة عن خطّنا التّاريخيّ، خط سيادة الدّولة اللبنانية، خط القوات اللبنانية، خط حرّيتنا التي لا تقبل أيّ مساس بها، وخط قناعاتنا كلّها”.
وقال جعجع، “رفاقي الشهداء والأحياء، ما ناضلنا واستشهدنا وتقطّعت أوصال البعض منّا في سبيله، قد تحقّق، أحلام خمسين عامًا تحقّقت كلّها دفعة واحدة”.
وأردف، “دار التّاريخ دورته الكاملة وأثبت للجميع من دون استثناء، أنّنا، وبعدما كنّا الأخيرين في تصنيف الأخصام، أصبحنا الأوّلين باعتراف الجميع، لن نقبل بعد الآن ألّا يكون القرار لبنانيّا مئة بالمئة ولن نقبل بعد الآن بأيّ قرار مهما صغر أو كبر خارج إطار المؤسّسات الدّستوريّة”.
وتوجه لمحور الممانعة، قائلاً “لقد أمسكتم، وبقوّة السّلاح والإرهاب، برقاب اللبنانيّين لسنوات طويلة ودمّرتم أحلامهم ومؤسّساتهم وأردتم فرض مشروعكم على حساب مشروع الدّولة. لقد ارتكبتم أخطاء وخطايا فظيعة بحقّ لبنان، وشعبه وبحقّ أنفسكم وبيئتكم، لقد أخذتم لبنان رهينة وصادرتم قرار الحرب والسّلم بعدما أمعنتم في تمزيق الدّولة وتحويلها إلى أشلاء، وفي تقطيع أوصال لبنان وعلاقاته مع محيطه العربيّ والمجتمع الدّوليّ”.
وتابع جعجع، “ذهبتم إلى القتال في سوريا دفاعًا عن نظام مجرم، إلى حرب لا ناقة للبنان فيها ولا جمل ولا تمتّ بصلة إلى مفاهيمه ودوره وتكوينه، تورّطتم في حرب إسناد وأخطأتم التقدير وجلبتم النّار والدمار والويلات والنّكبات. محور الممانعة، خسرتم الحرب التي كشفت عن ضعفكم، وعن اختراقات واسعة في صفوفكم ووافقتم على اتّفاق وقف إطلاق النّار مع علمكم أنّه تسليم واستسلام. تكابرون وتنكرون الخسارة والواقع الجديد، وتتكبّرون على الدولة وتتّهمونها هي بالتّخاذل وتحمّلونها مسؤوليّة ما آلت إليه أوضاعكم وأوضاع البلد وتتذرّعون دائمًا أبدًا باتّفاق وقف إطلاق النّار، وبأنّكم التزمتم بينما إسرائيل لم تلتزم”.
وشدد جعجع، على أن “أقصر طريق لإخراج إسرائيل من الجنوب ووقف اعتداءاتها هو قيام دولة فعليّة في لبنان”.
وقال إنكم “تشاركون في الحكومة وتوافقون على بيانها الوزاريّ ثمّ تنقلبون عليها وترفضون “حصر السّلاح” عندما دقّت ساعة الحقيقة وحان الوقت لوضع هذا المبدأ موضع التّنفيذ. تتحاملون على رئيس الجمهوريّة وتهدّدون رئيس الحكومة وتتّهمونهما بالخيانة وتنفيذ أجندة أميركيّة، أنتم المنخرطون في مشروع إيرانيّ توسّعيّ مدمّر كنتم رأس حربة فيه وفي مقدّمة أدواته وأذرعه، وخدمتم أهدافه والتزمتم بأجندته غير آبهين بمصلحة لبنان واللّبنانيّين”.
كما شدد على ألا “7 أيّار من جديد ولا من يحزنون ولا من يطوّقون السّراي ولا حرب أهليّة ولا أحد يريدها، وإذا أردتموها حربًا من طرف واحد فافعلوا. وإذا قرّرتم مواجهة الأكثرية اللبنانية وضرب عرض الحائط بمبادئ وقواعد العيش المشترك والوحدة الوطنيّة والسّلم الأهلي، وإذا كنتم تهربون من حرب مع إسرائيل إلى حرب في الدّاخل، فأنتم ترتكبون خطأ وخطيئة وخيمة العواقب لا تغتفر”.
وأردف، “أنتم عرفتم بعد فوات الأوان أنّ حربكم مع إسرائيل خاسرة مدمّرة، وعليكم أن تعرفوا وقبل فوات الأوان أنّ حربكم في الداخل أيّا تكن ستكون خاسرة ومدمّرة أكثر وستخسرون كلّ شيء. إذا كنتم تتهرّبون من تسليم السلاح وتدّعون أنّ ذلك إن فعلتم سيكون استسلامًا، فأنتم تهربون من الاستسلام إلى الانتحار وتنحرون البلد معكم”.
وأوضح رئيس حزب القوات اللبنانية، أنه “لقد تبيّن بالوقائع والتّجربة أنّ هذا السّلاح لا يحمي ولا يبني ولا يردع، وعلى العكس من ذلك تمامًا جلب الدّمار والخراب والتّهجير واستجلب احتلالًا جديدًا”.
وقال متوجهاً لأبناء الطائفة الشيعية، “آن الأوان للشّيعة الكرام الأعزّاء أن يفكّوا أسرهم بيدهم وأن يعودوا إلى تاريخهم اللبناني وإلى حال الأمان والاستقرار جنبًا إلى جنب مع بقيّة اللبنانيّين، آن الأوان كي يستفيق حزب الله من أوهامه ويترك بيئته والشّيعة يعيشون مثل سائر اللبنانيّين، أتوجّه إلى الإخوة الشيعة بكلمة صادقة من القلب والعقل، لأقول لهم: أنتم مكوّن أساسيّ من المكوّنات اللبنانيّة في هذا الوطن الذي أكّد عليه الإمام موسى الصّدر وطنًا نهائيًّا”.
وتابع، “أيّها الإخوة الشيعة، ثِقوا أنّ أيّ خيار ومشروع خارج الدّولة سيكون خطرًا عليكم، وتهديدًا لكم، ويجعلكم لقمة سائغة في فم التّنين وفم الأمم والمصالح الخارجيّة. ننتظركم مثل سائر اللبنانيّين لننطلق سويًّا في مشروع الإنقاذ، في مشروع النّهوض والإصلاح، ولنبني معًا دولة فعليّة ذات سيادة وسلطة مطلقة. لا تنخدعوا بِمَن يُحدّثكم عن ضمانات، أنتم الضّمانة كما كلّ مكوّنات لبنان ضمانة لبعضها البعض”.
ورأى جعجع، أن “كلّ يوم يمرّ من دون تسليم السّلاح يطيل من معاناتكم ويبعدكم أكثر فأكثر عن بيوتكم وأرزاقكم وكلّ يوم يمرّ يمدّد انتظارنا الثقيل لعودة لبنان إلى ذاته”.
واعتبر أن “دولة جديدة بدأت تبصر النّور، الطريق لن تكون سهلة، والخطوات تستغرق وقتًا، لكنّها الخطوات المطلوبة بالفعل، وفي الاتجاه الصحيح تمامًا”.
وعلى صعيد آخر، رأى جعجع أنه “يجب التّخلّص، وسريعًا، من مخلّفات نظام الأسد والمرحلة الماضية في لبنان، وفي طليعتها إلغاء “معاهدة الأخوّة والتّعاون والتّنسيق”، آملاً أن “مع الانطلاقة الجديدة في لبنان وسوريا، أن نطوي معًا صفحة النّزاع التاريخي الذي حوّل العلاقة بين البلدين إلى مصدر دائم للقلق وعدم الثّقة”.
كما دعا جعجع، “الأمانة العامّة لجامعة الدّول العربيّة للتّفكير جدّيّا بعقد قمّة عربيّة في بيروت على غرار قمّة 2002 كي يكتمل عقد عودة لبنان إلى محيطه العربيّ وعودة العرب إلى لبنان”.
أما على صعيد الانتخابات النيابية، فقال جعجع، إن ” الانتخابات المقبلة هي الامتحان والتّحدّي والاستحقاق، ولتكن موعدًا حاسمًا مع التّغيير وحسن الاختيار لِمَن ينسجم مع المرحلة الجديدة وتحوّلاتها ومتطلّباتها ولِمَن هو أهل للثّقة وتمثيل اللبنانيّين وأخذهم إلى آفاق مستقبليّة. وإذا كنّا قد أحدثنا فرقًا ملحوظًا مع المجلس النّيابي الحالي، فإنّنا سنُكمل ما بدأناه مع المجلس القادم، وسنحدث الفرق الكبير والتّحوّل الحاسم، مُدركين أنّ الوسائل الدّيمقراطيّة والسّياسيّة هي أقصر الطّرق وأكثرها فعّاليّة وأقلّها كلفة للتّغيير باتّجاه الأفضل، وأنّ ما يمكن تحقيقه بواسطة صناديق الاقتراع لا يمكن تحقيقه بواسطة صناديق السّلاح والذّخيرة. زمن التمديد ولّى الى غير رجعة ونتمسّك بإجراء انتخابات نيابيّة مع إعطاء المغتربين حقّ الاقتراع لـ ١٢٨ نائباً وصوتكم أيّها اللبنانيّون هو سلاحكم فلا تفرّطوا به”.
وأضاف، ” صوتكم أيها اللبنانيون هو سلاحكم، فلا تفرّطوا به لا لمصلحة صديق أو قريب أو مقدّمي الخدمات، وليكن في الانتخابات النيابية الآتية صوتًا مدوّيًا، حاسمًا، ناطقًا باسم الحقّ والحقيقة، وهادفًا إلى التّغيير والوصول إلى الدّولة الفعليّة”.
وختم جعجع، ” أيّها اللبنانيّون، “ما تقولوا طوّل هاللّيل، قولوا بكرا جايي نهار”، تحية للشاعر طلال حيدر.” وفعلا طالع علينا نهار جديد”. آن الأوان وبدأت الهيبة تعود للدّستور والقوانين، وبدأت الرّهبة تعود للجيش والقوى الأمنيّة، والاحترام والشّفافيّة للإدارة العامّة. وطبعًا المقدّمة لهذا كلّه هي عودة السّلاح، كلّ السّلاح، حصرا للدولة اللبنانيّة، وبالتالي عودة الدولة إلى ذاتها”.